مقتطفات من الفصل الرابع
حال العلم اليوم فى البلاد الإسلامية
" لاشك أن العلم أضعف ما يكون اليوم فى المناطق الإسلامية ، وذلك مقارنة بمختلف الحضارات المعاصرة ، لم يعد مقبولا إغفال ذلك أو الاستهانة به
حيث أصبحت الحياة الكريمة للمجتمعات المعاصرة ، مرتبطة ارتباطا مباشرا بمدى قوتها العلمية والتكنولوجية "
البروفيسور محمد عبد السلام
لعل منظر المدن من كراتشى إلى طهران ، أو من دبى إلى الرياض ، لا يختلف كثيرا بالنسبة للمسافر بالطائرة
لا يأتى
هذا التشابه بسبب العقيدة المشتركة للمواطنين، ولكن من استعمالهم جميعا لنفس التكنولوجيا الغربية ، يتمثل ذلك فى ناطحات السحاب المنشأة من القضبان
الفولاذية والزجاج، وكذا فى المطارات الحديثة ، بما فيها من طائرات براقة ، رابضة فوق الرمال والحصى ، وفى الطرق السريعة المزدحمة بالسيارات
وهوائيات التليفزيون المنبثقة من كل بناية
فمن الخارج تأتى التكنولوجيا التى تستمد منها كل تلك المجتمعات أقواتهم الأساسية ، من الأمثلة الهامة فى هذا الشأن ، نجد البحث عن البترول وأعمال
الحفر، والتنقية ، والتكرير، والنقل، فهم يسمحون لدول مثل السعودية وإيران ، بمبادلة ثرواتهم الطبيعية مقابل بضائع مصنّعة ، تتراوح ما بين طائرات
الأواكس للإنذار المبكر ، إلى رصاص البنادق، وما بين محطات تكرير البترول إلى فتاحات العلب .
ومن المتوقع أن يستمر المخزون البترولى فى إمداد تلك البلاد بأقواتها وتكاليف حروبها لفترة من الزمن ، كما قد يسمح بالخوض فى بعض التجارب لأنظمة
اجتماعية جديدة ، كما أنه يضمن الاستثناء المؤقت - والمؤقت فقط - من قانون التاريخ الذى لا يعرف الرحمة ، حيث تُنفى المجتمعات غير المنتجة ، وتُدفع
إلى الدمار أو إلى التهميش
لقد أصبح من الشائع الآن أن يكثر العويل على هذا الاعتماد الحرج على البترول ، وعلى تكنولوجيا الغرب، كما أصبحت عادة المطالبة بنقل التكنولوجيا من
الدول المتقدمة إلى الدول النامية ، وكأنها من الطقوس، كذلك أصبح من المعتاد طرح نظريات شيطانية عن مؤامرات دولية - بدرجات متفاوتة من
المصداقية - لتبرير التخلف العلمى الإسلامى ، فى الواقع لم تعد هذه الأساليب والتبريرات مقبولة على الإطلاق ، وفى الحقيقة ، فإن مسألة الضرر الواقع
على الاعتداد بالنفس الجماعى ، لا يمكن حلها بهذه الأساليب ، وعلى المفكرين الإسلاميين البحث عن أسباب أكثر منطقية
معايير قياس التقدم أو التدنى العلمى
ذكر الكتاب فى فصله الرابع هذا ثلاثة معايير رئيسية للتقييم العلمى ، هى
العلم والإنتاج العلمى
العلم والمؤسسات العلمية
العلم والتعليم
أولا: العلم والإنتاج العلمى
أولا: مقياس حجم ما تمثله الصناعة والتصنيع ، من إجمالى اقتصاد الدول
حيث يعد أهم المؤشرات الدالة على تطور العلم والتكنولوجيا بدولة ما ، ويُقاس هذا بدوره ، بال"القيمة المضافة" ، أثناء عملية التصنيع
على سبيل المثال ، يمكن استيراد خامات الحديد وفحم الكوك، وتحويلهما محليا إلى صلب "فولاذ" ، مما يؤدى للحصول على منتج يفوق فى قيمته المواد
الأولية المستعملة ، تشمل تكاليف التصنيع، من الناحية الاقتصادية ، كل ما يُستعمل من أنواع الآلات
المختلفة ، ووسائل
النقل، والكيماويات، والمنسوجات الخ، يعطى الجدول التالى - المستخلص من البيانات الصادرة من البنك الدولى ( مرجع 3 ) - مؤشرا لدور التصنيع
فى أكبر البلاد الإسلامية ( من ناحية تعداد السكان) ، بالمقارنة بالدول الصناعية الكبرى
الجدول
القيمة المضافة فى التصنيع ، 1986 (دولارا للفرد )
الدولة ، القيمة المضافة
بنجلاديش ، 11
السودان ، 23
باكستان، 49
إندونيسيا ، 61
مصر، 87
تركيا ، 253
الجزائر ، 320
الولايات المتحدة ،3428
اليابان، 4697
ثانيا: يتمثل مؤشرا آخر من مؤشرات التصنيع ، فى نوعية البضائع المصدرة ، ويبين الجدول التالى نسبة ما تمثله صادرات الآلات، وأدوات النقل
من إجمالى الصادرات فى الدول المختارة
الجدول
الدولة النسبة المئوية من إجمالى الصادرات
بنجلاديش ، صفر%
السودان، 3 %
باكستان، 3%
إندونيسيا ، 3%
مصر، 17%
تركيا، 7%
ماليزيا، 27%
الهند ، 32%
الولايات المتحدة ، 47%
اليابان، 65%
ثالثا: من بين 46 دولة إسلامية ، تقوم 24 منهم فقط بإنتاج الأسمنت، و 11 دولة فقط تنتج السكر، وخمس دول فقط تنتج صناعات هندسية ثقيلة، وست
دول تنتج المنسوجات ، وخمس دول تنتج أسلحة خفيفة
رابعا : تقوم الدول الإسلامية بشكل عام ، بإنتاج المواد الخام ، ويمثّل البترول أهم تلك المنتجات، فهذه الدول تنتج 56 % من صادرات العالم من البترول
و37 % من الغاز الطبيعى، و 80 % من القنب (الجوت) ، و 70 % من المطاط، و 75 % من زيت النخيل، و 25 % من الحبوب الغذائية و 13 % من القطن
و 10 % من قصب السكر
خامسا : يصل حجم التجارة مع الدول غير الإسلامية ، إلى 94 % من إجمالى التجارة الخارجية ، فى حين يصل حجم التجارة بين البلاد الإسلامية وبعضها إلى 6 %
سادسا: يبيّن الجدول التالى مقارنة بين نصيب الفرد من إجمالى الإنتاج القومى فى البلاد الإسلامية ، وباقى دول العالم الثالث، حيث يتضح أن البلاد
الإسلامية تُعد أغنى كثيرا، وأن أغناها قاطبة ، دول الإمارات ( حيث يصل إلى 15.830 دولار) ، وهو ما يزيد عن مثيله حتى فى اليابان (15.760 دولار)
فى الجانب المقابل، تشير الأرقام إلى أن المعدلات الأولية للولادة فى عام 1986 ، كانت معظمها فى المدن ، وأن التمدين بصفة عامة ، يتبعه انخفاض فى
معدلات الولادة
الجدول
المؤشر، العالم الثالث ، البلاد الإسلامية
متوسط دخل الفرد ، 300 دولار ، 856 دولار
التمدين، 34 %، 40 %
معدل الولادة الأولى ، 3.1 % ، 4.1 %
إن الرسالة التى تحملها هذه الإحصاءات واضحة تماما، إن قوام الاقتصاد فى البلاد الإسلامية ، خاصة فى البلاد المنتجة للبترول ، مبنى إما على المستخرجات
أو على الزراعة، وحتى من بين الدول المتقدمة نسبيا ، والغير مصدرة للبترول، مثل مصر وباكستان، فإن القيمة المضافة فى عمليات التصنيع لا تمثل
إلا قدرا ضئيلا من الاقتصاد العام ، وبلا شك ، يحتاج استخراج البترول، والتعدين، والزراعة ، إلى قدر من الأساليب العلمية، مما يخلق مجالا لبعض
الطلب على تعلُّم الوسائل الفنية الجديدة وتطويرها ، لكن التكنولوجيا المطلوبة لاستخراج البترول فى أساسها مستوردة ، وكذلك الحال مع البحوث الزراعية
المتعلّقة بالمحاصيل الجديدة وأصنافها ، وعلى ذلك فإن الأهمية العامة للعلم وعلاقته بالإنتاج ، علاقة هامشية فى البلاد الإسلامية ، وحوافز النمو الحالية
النابعة من الداخل ، قليلة جدا
ثانيا : العلم والمؤسسات العلمية
تجب الإشارة إلى أن كلمة عالِم scientist ، لم يكن لها وجود قبل ابتكارها فى عام 1840 ، بواسطة "ويويل" ، فلم يكن عدد العلماء حينها بالكثرة اللازمة
لتستوجب إدخال كلمة جديدة إلى اللغة الإنجليزية ، ولكن تحول العلم فى القرن العشرين إلى مؤسسات كبيرة ضمت إليها مئات الآلاف من الرجال والنساء
الذين جعلوا من العلم مهنتهم ، ينمو المجتمع العلمى العالمى بسرعة كبيرة جدا سواء على مستوى العالم أجمع أو على مستوى الدول النامية
ويُلاحظ أن معدّل نمو المجتمع العلمى بطئ فى البلاد الإسلامية ، فحجم مجتمعها العلمى ، كذلك إنتاجية علمائها ، أقل بكثير من بقية العالم ، ويبدو ذلك
واضحا حتى لو تمت المقارنة بالمتوسط العالم لدول العالم الثالث ، وفيما يلى بعض الأرقام المستخلصة من تقرير موافشك
الجدول
أولا: عدد المؤلفين العلميين ،1976
العالم أجمع ، 352.000
العالم الثالث ، 19.000
البلاد الإسلامية ، 3.300
إسرائيل ، 6.100
ويُلاحظ أن أكبر المنتجين للكتابات العلمية من بين مختلف البلاد الإسلامية هم
مصر، إيران، باكستان، نيجيريا، ماليزيا، ولبنان
ثانيا: مدى مساهمة المؤلِّفين العلميين فى الدول المختارة فى الجدول من الإنتاج العالمى 1976
الدولة
مصر ، 0.21
إيران، 0.0403
العراق، 0.022
ليبيا ، 0.002
باكستان، 0.055
السعودية ، 0.008
سوريا ، 0.001
الهند ،2.260
ثالثا: تتمثل طريقة أخرى بسيطة، لتقدير الإنتاج العلمى للعلماء المسلمين، فى حساب عدد المؤلفين من أصحاب الأسماء الدالة على أنهم من المسلمين فى
المجلات العلمية الرائدة، وقد قمت بإجراء دراسة استطلاعية محدودة، عن البحوث العلمية الدولية فى عام 1989 ، وقد حصلت على النتائج المبيّنة فى
جدول 6 ، فإذا وضعنا فى الاعتبار أن بعض المسلمين قد لا يحملون أسماء عربية ، أو فارسية، أو تركية ، فيجوز على ذلك ، زيادة الأرقام المذكورة ، الخاصة
بعدد أصحاب البحوث من المسلمين ، بنسبة حوالى 30 إلى 40 بالمائة ، وعلى أية حال، فهذا لن يؤثر كثيرا على الاستنتاج العام ، بأن الأرقام صغيرة
بدرجة مثيرة للأسى ، جدير بالذكر، أن عناوين المراسلة المسجلة بالبحوث، لنصف المؤلفين المسلمين ، تابعة لمؤسسات غربية
الجدول
المؤلفون العلميون فى الفيزياء، والرياضيات، والكيمياء 1989
نوع العلم ، إجمالى عدد المؤلفين ، عدد المؤلفين المسلمين
الفيزياء ، 4168 ،46
الرياضيات، 5050 ، 53
الكيمياء، 5375 ، 128
رابعا: وتبرز صورة مماثلة لدى فحص فهرست الاستشهادات العلمية ( وهو يمثل دليلا شاملا للمقالات العلمية المنشورة حديثا)
الجدول
المؤلفات الواردة فى فهرست الاستشهادات العلمية 1988
الدولة، تعداد السكان بالمليون (1987)، العدد النسبى للمقالات
الأرجنتين ،31 مليون ، 25
بنجلاديش ،104 مليون ، 1.8
البرازيل ، 141 مليون ، 33
مصر، 49 مليون ، 17
الهند ،700 مليون ، 90
إندونيسيا ،150 مليون ، 2.5
إيران ، 50 مليون ، 2
العراق، 17 مليون ، 4
إسرائيل ، 4.5 مليون ، 72
ماليزيا ، 16.5 مليون ، 4
باكستان ، 102 مليون ، 4
تركيا ، 51 مليون ، 10.5
ولا تتعارض النتائج المذكورة عاليه مع التقديرات الأخرى ، ففى مقارنة بين إسرائيل والعرب ، لما يخص الفرد فى كل منهما فى الإنتاج العلمى ، وجد
أ. ب . زحلان ، أن إنتاج العرب يساوى 1 % فقط من إنتاج إسرائيل ، وواضح أن المشكلة لا تكمن فى الموارد المالية ، حيث ارتفع إجمالى الإنتاج القومى
العربى من 25 بليون دولار فى عام 1967 ، إلى أكثر من 140 بليون دولار فى عام 1967 ، ومع هذا ارتفع الإنتاج العلمى ، فى نفس الفترة ، بنسبة
متواضعة جدا، ومن المثير للاهتمام ، ملاحظة أن هزيمة العرب فى عام 1967 ، أُعزيت بشكل كبير إلى الفجوة التكنولوجية الكبيرة بين إسرائيل والعرب
وكانت هناك بعض التوقعات آنذاك ، أن ذلك قد يحث العرب للبحث عن مزيد من العلم الحديث والتكنولوجيا ، ولكن البيانات المتاحة لا تدل على تحقق هذا التوقع
ثالثا : العلم والتعليم
يرتبط التعليم برباط وثيق بالبحث العلمى والتنمية ، وهما يعتمدان عليه لنمو أو انهيار العلم كمؤسسة فى المجتمع ، وفى الحقيقة ، فإن غاية التعبير عن
الفلسفة التى يمت إليها أى مجتمع ، إنما تتمثل فى الأسلوب الذى يتبعه فى تعليم النشء
وهنا بالتحديد وبكل حق ، يواجهنا السؤال عما إذا كان يجب على التعليم أن يكون وسيلة لتطوير وتحديث المجتمع ، أم أن هدفه الأساسى يجب أن
يكون الحفاظ على التقاليد
ويمكن قياس علاقة العلم بالتعليم من خلال " قيد البنين والبنات، فى مراحل التعليم الأولى والثانية فى البلدان فى الجدول التالى
والنسبة المئوية من إجمالى عدد السكان عام 1986
الجدول
بنجلاديش، المرحلة الأولى ( بنين 69 ، بنات 50 ) ، المرحلة الثانية (بنين24 ، بنات 11) ، النسبة المئوية 5
السودان ، المرحلة الأولى ( بنين 59 ، بنات 41) ، المرحلة الثانية ( بنين 23 ، بنات 71) ، النسبة المئوية 2
باكستان ، المرحلة الأولى (بنين 55، بنات 32 ) ، المرحلة الثانية (بنين 25 ، 10) ، النسبة المئوية 5
إندونيسيا، المرحلة الأولى (بنين 121 ، بنات116 ) ، المرحلة الثانية (بنين 45 ، بنات 34) ، النسبة المئوية 7
مصر، المرحلة الأولى (بنين 96 ، بنات 77) ، المرحلة الثانية (بنين 77، بنات 54) ، النسبة المئوية 21
المغرب، المرحلة الأولى ( بنين 96 ، بنات 62) ، المرحلة الثانية ( بنين 39 ، بنات 27) ، النسبة المئوية 9
تركيا ، المرحلة الأولى (بنين 121، بنات 113 )، المرحلة الثانية (بنين 56، بنات 33 ) ، النسبة المئوية 10
العالم الثالث، المرحلة الأولى ( بنين 113 ، بنات 92) ، المرحلة الثانية (بنين 42، بنات 27) ، النسبة المئوية 3
ملحوظة هامة : نسبة القيد لشريحة عمرية معيّنة ، قد تتعدى الـ100 % ، فى بعض الأحيان ، كما جاء بالجدول السابق، حيث تختلف معايير
القياس ، والوسائل المستخدمة فيه
كانت هذه المعايير الثلاث السابقة فى قياس شكل العلم فى المجتمعات الإسلامية ، وما تبعها من جداول وإحصاءات
وقد أجرى المعهد القومى لعلم النفس فى باكستان ، اختبارا فى العلوم والرياضيات فى عام 1983 ، لمقارنة مهارات
تلاميذ المدارس من مختلف البلاد الإسلامية ، بأقرانهم من باكستان ، وهذه بعض النتائج
أولا: اختبار الرياضيات
باكستان ، 15.56
الولايات المتحدة ، 25.3
سويسرا، 31.8
فرنسا، 33.2
كندا، 35.8
انجلترا، 37.8
استراليا، 37.9
السويد، 37.7
اليابان، 50.2
ثانيا :اختبار العلوم
باكستان، 30.0
سويسرا، 41.3
فرنسا،42.1
الولايات المتحدة، 43.7
اليابان، 45.2
كندا، 49.2
استراليا، 49.2
انجلترا، 54.5
السويد، 55.5
المتصفح الكريم : كانت هذه بعض النبذات من الفصل الرابع لكتاب " الإسلام والعلم ، الأصولية الدينية ومعركة العقلانية "
أما الحوار مع الدكتور محمود خيال ، والنظرية الإسلامية فى العلم ، فسوف تنشر بعد قليل بإذن الله تعالى ، وطوال بعض الساعات القليلية
القادمة بإذن الله تعالى على المدونة الرئيسية على عنوان
www.keptiamuslema.blog.com