Monday, October 01, 2007

عرْض وتعليق لبعض النقاط الهامة من كتاب مبادئ الفن - روبين كولنجوود - مكتبة الأسرة



مصر - أهرامات الجيزة - فن فرعونى


ترجمة : د . أحمد حمدى محمود ، مراجعة : أ. على أدهم ، تقديم : د. ماهر شفيق فريد .

لعلنا نستطيع أن نورد القضايا التى يتناولها الكتاب كما يلى :

أولا : معنى نظرية الصنعة .

ثانيا : خصائص وسمات العمل الصنعى كما فى الكتاب .

ثالثا : لماذا الفن ليس صنعة - كما يرى الكاتب .

رابعا : التعليق على هذه الجزئية ، ولماذا الفن فى جزء منه صنعة كما هو وارد فى نظرية الصنعة التأثيرية .

خامسا : معنى نظرية المنبّه ورد الفعل .

سادسا : التعليق على هذه الجزئية .

سابعا : الفن وعلاقته بكل من الترفيه والسحر ، وهاتان النقطتان يُرجى فيهما رجوع المتصفح الكريم للكتاب .

ثامنا : الفن بوصفه : أولا : تعبيرا ، ثانيا : خيالا ، وهاتان النقطتان كذلك يُرجى الرجوع فيهما للكتاب .

تاسعا : تاريخ كلمة " الفن " كما هو وارد بالكتاب .

عاشرا : كلمة " الفن " فى معناها فى المعجم الوجيز 1994 .

معنى نظرية الصنعة

حيث بدأت بسقراط وانتهت بأرسطو حيث توصّف الفعل الفنى لدى الإنسان باعتباره صنعة لا تختلف عن غيرها

من الصناعات الأخرى مثل صناعات النجارة ، النسيج ، ترقيع الأحذية ، الزراعة ، تربية الخيول ، وغيرها .

والصنعة لابد وأن تعتمد على المهارة ، وبالتالى وحسب هذه النظرية ، فإن الفن صنعة ومهارة .

خصائص وسمات العمل الصنعى كما هو وارد بالكتاب

أولا : الوسائط

الصنعة دائما تتضمن وجود اختلاف بين الوسيلة والغاية بحيث يُدرك كل منهما بوضوح ، وبوصفه شيئا متمايزا

عن الآخر وتستخدم الكلمة " وسيلة " للدلالة على أفعال ينبغى القيام بها باستخدام أدوات وآلات للوصول إلى الغاية

والتى بمجرد الوصول إليها لم يعد هناك حاجة فى تلك الوسائل ( أفعال يقوم بها الإنسان مستخدما أدوات وآلات ).

ثانيا : التخطيط والتنفيذ

الصنعة تتضمن تفرقة بين التخطيط والتنفيذ ، فالنتيجة التى سيتم الحصول عليها يتم تصوّرها سابقا ، فالصانع

يعرف ما يرغب فى فعله قبل أن يفعله ، هذه المعرفة السابقة لا غنى عنها إطلاقا فى حالة الصنعة ، فإذا أمكننا

صنع شئ ما وليكن " الحديد الغير قابل للصدأ" ، فبغير هذه المعرفة السابقة ، فإن ما يتحقق فى هذه الحالة لا يُسمى

صنعة ، بل " صدفة " ، فإذا ما شرع إنسان ما فى صنع منضدة على سبيل المثال ، ولم يتصوّرها فى ذهنه قبل

أن يقوم بالتنفيذ ، كأن يتصوّر عرضها قديمن أو ثلاث اقدام ، أو يتصوّر الارتفاع عن الأرض ما بين قدمين أو

ثلاث أقدام ، وما إلى ذلك فإنه لن يُعد صانعا .

ثالثا : الوسيلة والغاية

مرتبطان فى عملية التخطيط على نحو ما ، ففى التخطيط الذهنى فإن الغاية تسبق الوسيلة ، لأنه يتم التفكير فى الهدف

أو الغاية النهائية أولا ، ثم بعد ذلك يتم البحث عن الوسيلة لتنفيذ الغاية حين الشروع فى التنفيذ .

رابعا : الاختلاف ما بين المادة الخام ، وبين الشئ المنتج النهائى

فالصنعة ترمى إلى تغيير هذا الشئ إلى شئ آخر مختلف ، حيث يبدأ مادة خام وينتهى شيئا منتجا ، ومن المستطاع

العثور على المادة الخام للبدء فى عملية التصنيع .

خامسا : الشكل والمادة

هناك اختلاف بينهما ، فالمادة هى الشئ المشترك ما بين المادة الخام والشئ المصنوع ، أما الشكل فهو التغّير فى

شكل المادة الخام بعد الانتهاء من تصنيعها ( القطن ، ومنشفة الوجه على سبيل المثال ) ، فالقطن مادة خام مشتركة

فى الحالتين ، إلاّ أن الشكل النهائى مختلف عن شكل المادة الخام .

سادسا : الصلة الهيرارشية بين مختلف الصناعات ، فكل صناعة تزوّد الأخرى بما تحتاج إليه

أولا : هيرارشية المواد

فغارس الغابات ينمّى أشجارا ويرعاها أثناء نموها حتى يحصل على المادة الخام التى يعطيها لقاطع الأخشاب

الذى يحوّلها إلى كتل خشبية ، وهذه الكتل الخشبية هى خامة النشّار الذى يحوّلها إلى ألواح ، وهذه الألواح بعد أن تُنتقى

ويتم تهيئتها تصبح خامة النجّار.

ثانيا : هيرارشية الوسائل

فإن أية صنعة تزوّد الأخرى بالأدوات ، فتاجر الأخشاب يزوّد صاحب المنجم بالحطب ، وصاحب المنجم يزوّد

الحدّاد بالفحم ، والحدّاد يزوّد الفلاح بحدوات لخيوله ، وهكذا .

ثالثا : هيرارشية الأجزاء

فهناك عملية مركّبة مثل ما يحدث فى صناعة السيارات ، فتتولى شركة صنع المحرّك ، وأخرى تصنع التروس

وثالثة هيكل السيارات ، ورابعة العجل وهكذا ، والتجميع النهائى لا يعنى بكل دقة صنع السيارة ، بل هو يعنى

تركيب هذه الأجزاء ببعضها البعض .

مصر - قلعة صلاح الدين الأيوبى - فن إسلامى
لماذا الفن ليس صنعة كما يرى الكاتب
أولا :
الاختلاف ما بين الوسيلة والغاية ، فهل يوجد هذا الاختلاف فى الأعمال الفنية ، فالقصيدة الشعرية هى وسيلة
لإحداث أثر عقلى معيّن فى نفس المتذوقين ، فمثلا : حدوة الحصان ، يمكننا اكتشاف المراحل بسهولة التى مرت بها صناعتها
فيمكننا أن نذكر إيقاد الكور ، وقطع قطع الحديد ، ثم تسخينه الخ . فما الذى يتشابه فى هذه العمليات مع حالة القصيدة
الشعرية ، إن الشاعر قد يجئ بقطعة من الورق وقلم ، وقد يملأ قلمه ثم يجلس مربّعا يديه ، فهذه الأفعال خاصة بالكتابة
فما هى الوسائل التى يستخدمها الشاعر فى هذه الحالة للتأليف ، إن العامل الوحيد فى هذا الموضوع هو الشاعر نفسه
والجهد الشاعرى الذى يبذله عقله . فإذا قال أحد أنصار نظرية الصنعة : حسن ، فى هذه الحالة يكون الجهد الشاعرى
هو " الوسيلة " ، و " القصيدة " هى " الغاية " . فإننا سنطلب منه أن يبحث لنا عن حدّاد يستطيع صنْع حدوة حصان
بوساطة الجهد وحده ، وبغير كور أو سندان أو قادوم أو ملقط . فلعدم وجود أدوات مناظرة فى القصيدة ، فلا تُعدّ
القصيدة غاية لها وسائل .
ثانيا :
التخطيط والتنفيذ
إن الفن بمعناه الصحيح لا يتضمن وجود حدّ بين التخطيط والتنفيذ ، فلنفترض أن شاعرا كان ينظّم أبياتا من الشعر
أثناء سيره وعلى حين غرّة ، جادت قريحته بأحد الأبيات ثم جادت بعد ذلك بغيره ، ثم لا يرضى بعد ذلك عنهما
فيحوّرهما إلى أن يصبحا فى الصورة التى ترضيه ، فما هى الخطة التى قام الشاعر بتنفيذها فى هذه الحالة ، أو أن
نحّاتا كان يلعب بالطين ثم راى أن الطين قد تحوّل بين أصابعه إلى شكل رجل يرقص ، فهل لا يُسمّى هذا الشئ عملا
فنيا لأنه قد عُمل بغير تخطيط سابق .
ثالثا :
إذا لم يكن من المستطاع وضْع حدّ بين الوسيلة والغاية أو بين التخطيط والتنفيذ فى الفن الحق ، فمن الواضح أنه
لا يمكن عكس ترتيب الوسيلة والغاية ، أو التخطيط والتنفيذ على التعاقب .
رابعا :
المادة الخام ، والشكل المنتج
فهل يوجد هذا الاختلاف فى الفن حقا ، لو كان الأمر كذلك ، لقلنا بأن القصيدة قد عُملت من خامة ما ، فما هى هذه
الخامة . ولعلّ هذه الخامة هى الكلمات ، فما هى هذه الكلمات ، فالحدّاد لا يصنع الحدوة من كل الحديد الموجود فى العالم
بل قطعة معيّنة من الحديد يحتفظ به فى ركن من دكّانه ، ولكن هذا لا ينطبق على الكلمات ، فلا يقول الشاعر
مثلا سأستخدم كلمة " كذا " خمس مرات ، وكلمة " كذا " اربع مرات الخ ، فالأمر مختلف .
خامسا :
فى الفن ، لا يوجد تمايز كما الحال بالأشياء المصنوعة حيث توجد المادة فى صورة خام قبل أن يُفرض عليها شكل ما
كما أن الشكل يوجد فى صورة مخططة من قبل ، ولا تنطبق هذه الحالة على العمل الفنى ، فقبل ظهور القصيدة
يوجد اضطراب فى روح الشاعر غير أن هذا الاضطراب ليس الخامة التى صنعت منها القصيدة ، كما أن الكلمات
تُستخدم دون إدخال تعديلات على شكل الكلمة وإلاّ تحوّلت الكلمة إلى كلمة أخرى ومعنى آخر مختلف .
سادسا :
ليس هناك فى الفن شئ مماثل لهيرارشية الصناعات ، وقيام كل صنعة بإملاء غاياتها على الصنعة التالية
لها وتزويدها بالخامات أو الوسائل أو الأجزاء ، فعندما يكتب الشاعر أبياتا من الشعر لكى يلحّنها الموسيقى ، فلا تعدّ
هذه الأبيات وسائل لغاية الموسيقى ، بل هو تعاون الشاعر مع الموسيقى لإنتاج عمل فنى يدين لكل منهما بالفضل .
مصر - الجامع الأزهر - فن إسلامى - العصر الفاطمى
التعليق على هذه الجزئية
الصنعة جزء من الفعل الفنى لدى الإنسان
تبعا لنظرية الصنعة التأثيرية
ولعلنا فى هذا الصدد ، سوف نقوم بمناقشة أمرين هامين هما :
أولا : إن هذه السمات السابق ذكرها فى الكتاب لا تنطبق جميعها على كل أنواع الفنون ، وهذا يستدعى منّا ذكر
أنواع الفنون تبعا لنظرية الصنعة التأثيرية .
ثانيا : لماذا لا نعتبر أننا وبناء على النقطة الأولى ، أننا أمام سمات وخصائص مختلفة لكل نوع من أنواع الفنون
وأن كل هذا يندرج فى النهاية تحت مفهوم أو سلوك " الصنعة " ، وهذا يستدعى منّا استدعاء معنى لفظة الصنعة من
المعجم الوجيز لعام 1994 .
أولا : أنواع الفنون تبعا لنظرية الصنعة التأثيرية
الموسيقى
الخط العربى
الكاريكاتير
تلاوة القرآن الكريم
الغناء
التصوير الضوئى
العمارة
النحت
النسيج
الخزف
الرسم
الشعر
المسرح ( أدب )
التمثيل ( آداء)
الرّقص الشعبى التمثيلى
الخطاب السياسى
الخطاب الدينى
ولا مانع من انضمام أنواع أخرى مستقبلا .
ونظرا لمفوم الالتزام الذى تفرضه هذه النظرية ، فقد قمت باستبعاد البالية ، والرقص الإيقاعى والشرقى منها .
فبالنسبة للباليه ، إن ملابس المؤدين التى تُظهر من أجسادهم - ولا سيما النساء - أكثر مما تُخفى ، بالإضافة
إلى تداخل الرقصات بين الرجال والنساء بطريقة مثيرة فاضحة ، إلاّ أن القدرة على الوقوف على أطراف
الأصابع يستحق منا كل التقدير والاحترام . وبالنسبة للرقص الإيقاعى والشرقى فهو يعتمد أساسا على جسد
المرأة ، وقدرتها على استخدام مفاتنها فى إثارة المحيطين . ولا يجب أن يفوتنا الحديث عن " الرقص الشعبى التمثيلى )، فالمقصود منه
ان تكون
ملابس المرأة محتشمة ، ولا يوجد تداخل ما بين رقصات الرجال والنساء ، بالإضافة إلى أن حركة المرأة فى
هذا النوع تعتمد على الذراعين بطريقة تمثيلية يصاحبها الموسيقى .
إن الإنسان
يستطيع أن يمرّن جسده على فعل أشياء كثيرة ، ولكن ليس كل فعل هو مقبول .

فلسطين - قبة الصخرة
نعود للتعليق على رأى الكاتب الجليل ، فإنه من الملاحظ أن الفروق التى ذكرها ما بين العمل الفنى والعمل
الصنعى ينصرف بالفعل وبجدارة على كثير من أنواع الفنون السابق ذكرها : الموسيقى - الخط العربى - الكاريكاتير
- تلاوة القرآن الكريم - الغناء - الرّسم - الشعر - التمثيل - الرّقص الشعبى التمثيلى - المسرح (أدب ) - التصوير الضوئى
الخطب السياسية والدينية ، حيث إن الجهد الإنسانى واضح فيها وحيث تتحدّ الوسيلة والغاية ، ويتداخل
التخطيط والتنفيذ معا ، ولا يوجد اختلاف ما بين المادة الخام والمنتج النهائى ، كما أن كل منها يقوم بذاته .
ولذا ، كانت إضافة كلمة "تأثيرية " لاسم النظرية كى تستوعب بمرونة سمات وخصائص هذه الأنواع من الفنون
التى تضمها نظرية الصنعة التأثيرية ، حيث التأثير النفسى والعقلى والعاطفى الخ .
من إيران

ولكن ، ماذا عن باقى الفنون الأخرى ( العمارة ، النحت ، النسيج ، الخزف ) ، إن تاريخ الإنسانية عبر العصور
قد ترك وراءه أنواعا من هذه الفنون لا يمكن غضّ الطرف عنها إطلاقا ، وكلها - الفنون سابقة الذكر - يدخل
عملها فى إطار الفعل الصنعى بالسمات والخصائص التى اشار إليها الكاتب القدير . ولعلّنا نشاهد فى هذه التحديثة
أنواعا لهذه الفنون
العمارة
( مصر "أهرامات الجيزة - قلعة صلاح الدين الأيوبى - الجامع الأزهر " ، فلسطين " قبة الصخرة " ، الهند " تاج محل " ).
النحت
كما نرى فى الشكل من أفغانستان ، وكما سنرى صور فى تحديثات قادمة لأماكن أخرى مختلفة بإذن الله تعالى
النسيج
كما نرى فى النسيج من إيران ، وكما سنرى سجادة الصلاة من تركيا ، وكسوة الكعبة الشريفة من السعودية
فى التحديثة القادمة بإذن الله تعالى كذلك .
الخزف
كما سنعرض لمثال له من خزف صينى فى المرات القادمة .
كما لا يمكن أن نترك وراءنا العمارة التى تركها العراقيون القدماء ( بابل وآشور ) ، وإن كانت دولة العراق
بحاجة ماسة لتكاتف الجميع لإعادة آثارها المنهوبة إثر العدوان الأمريكى الظالم عليها ، حيث أستبيحت حُرمات
متاحفها . كذلك العمارة والنحت وغيرها مما تركه الفينيفيون ( السوريون القدماء ) ، والرومان والإغريق .
الخط العربى

أولا : الوسائط
الاختلاف ما بين الوسيلة والغاية
ففى هذه الفنون - العمارة ، النحت ، الخزف ، النسيج
هناك آدوات وآلات لا يمكن إنجاز العمل بدونها .
ثانيا : التخطيط والتنفيذ
لا يمكن أن نتصوّر أن يتم تنفيذ هذه المنشآت الضخمة وعمل الأنسجة دون تخطيط مسبق وبالغ الحنكة كذلك والمهارة .
ثالثا : الترتيب ما بين الوسيلة والغاية
ففى التفكير ، تسبق الغاية الوسيلة
وفى التنفيذ ، تسبق الوسيلة الغاية
وهو ما يتفق تماما مع الفعل الصنعى كما أورده الكاتب .
رابعا ، وخامسا : الاختلاف ما بين المادة الخام ، وبين الشئ المنتج
( الشكل والمادة )
وأعتقد أنه متوفر كذلك فى تلك الصناعات ، فالخيوط على سبيل المثال ، مادة خام ، يتم تحويلها لتصبح نسيجا .
كذلك بالنسبة للعمارة ( رمل ، أسمنت ، حديد ، أخشاب الخ ) ولا يختلف حال النحت والخزف عنهما فى
هذا الصدد .
سادسا : الهيرارشية
متوفرة تماما
وبكل أنواعها.
لا يمكن إذا أن نتجاهل هذه الأنواع من الفنون وإن كانت هى من ناحية تتميز بسمات وخصائص الفعل الصنعى
فإنها من ناحية أخرى تستهدف كذلك التأثير فى النفس ، العقل ، الفكر الخ ، وهذا يجرّنا بدوره للتساؤل : ماذا عن الفنون الأخرى إذا ، والتى ذكرناها فى البداية
وهذا ينقلنا
للنقطة الثانية حيث أصبح الأمر متعلّقا بلفظة " الصنعة "، ويكون التساؤل :
لماذا لا نعتبر أن نوعى الفنون هذا
بخصائص وسمات كل منها المختلفة عن الأخرى ، يندرجا معا تحت مفهوم الصنعة ، وأن أنواعا من الفنون
تختلف فى طريقة ممارستها ، والسمات التى تتحلّى بها عن بعض أنواع الفنون الأخرى .
من أفغانستان
معنى " الصّنْعة" فى المعجم الوجيز لعام 1994 ، الصفحة 372
الصّنْعة : الطريقة
المنظّمة الخاصة التى تُتّبع فى عمل يدوى أو ذهنى .
إذا ، فلكل طريقته
وسماته فى إنجازه ، وما عرضناه من الكتاب يكون عوْنا لنا فى تبيّن سمات وخصائص أنواع الفنون المختلفة .

الهند - تاج محل

نظرية : المنبّه ورد الفعل
ففى هذه المحاولة ،
يُتصوّر العمل الفنى برمته شيئا مصنوعا مصممّا لتحقيق غاية معيّنة هى إحداث أثر نفسى ما لدى المتذوقين ، ولكى يستطيع
الفنان التأثير فى جمهوره بطريقة معيّنة ، فإنه يخاطبهم بطريقة معينّة ، وذلك بأن يقدم لهم عملا فنيا معيّنا ، ويتحقق
أثر واحد على الأقل اعتمادا على تمكنه فى الفن إذ يتأثر هذا الجمهور بالعمل الفنى مثلما أراد . لكن النقد الموجّه لهذه النظرية
هو أن هناك اشياء تستثير شعور وانفعالات الإنسان دون أن تكون فنا ، مثل المهرّج الذى يأتى بحركات بهلوانية
ويرتمى على الأرض الخ . كما يقوم الكاتب بتعديد عدّة أنواع من الانفعالات يخرجها جميعا عن كونها فنا .
التعليق على هذه الجزئية
كل هذه المشاعر والانفعالات جزء من التأثير
الذى يحاوله الفن تبعا لنظرية الصنعة التأثيرية
ولعل الأمر الذى
يجب إثارته هو ، لا أن هذه المشاعر والانفعالات جزء من تأثير الفن ، ولكن كيفية استخدامها بحيث لا تكون مبتذلة .
هى قضية الابتذال إذا ، نحن نستخدم هذه المشاعر ، دون الهبوط بها .
مراجعة لمثال المهرّج
كنا قد ذكرنا قبلا أن هذا المهرّج يمكن أن يندرج بما يفعله تحت بند أو فئة الصنعة الوظيفية ، إلاّ أننا نعيد النظر فى
هذا الأمر مرة أخرى ، بالنظر إلى قضية " الابتذال " ، فمشكلة هذا المهرّج هى الابتذال ، ولكن هذا لا يُخرجه
من فئة الصنعة التأثيرية .
تاريخ كلمة " الفن " كما بالكتاب
لإزالة الغموض الذى
يحيط بكلمة " فن ، ينبغى بحث تاريخها ، والمعنى الاستاطيقى للكلمة ، وهو المعنى الذى يعنينا هنا ، حديث العهد ،
لأن كلمة Ars فى اللاتينية القديمة تعنى شيئا مختلفا تماما ، فهى تعنى الصنعة أو أى نوع من التخصص فى المهارة
مثل النجارة أو الحدادة أو الجراحة ، فلم يكن عند اليونانيين والرومانيين تصور لما نعنيه بكلمه فن ، الذى يعد شيئا
جد مختلف عن الصنعة ، فما ندعوه فنا كانوا يعتبرونه مجرد مجموعة من الصنعات مثل صنعة الشعر التى نظروا إليها
من حيث المبدأ - وبعين الريبة أحيانا بغير شك - باعتبارها شيئا مماثلا للنجارة وغيرها من الصنعات ، ولا تختلف
عن أى منها إلا كما تختلف أية صنعة عن الأخرى . ومن الصعب علينا إدراك هذه الحقيقة ، واصعب من ذلك
إدراك ما تتضمنه ، فإذا لم يكن عند الناس كلمة لتحديد معنى أى نوع من الأشياء ، فإن هذا يرجع إلى أنهم لا يعرفونه
شيئا متمايزا ، وبما أننا نعجب بفن اليونانيين القدماء ، لهذا كان من الطبيعى أن نفترض أنهم كانوا يعجبون به بنفس
الروح التى نعجب بها ، ولكننا نعجب به باعتباره نوعا من الفن ، بعد أن أصبحت كلمة فن محمّلة بكل ما اشتمل عليه
الوعى الأوروبى الإستاطيقى الحديث من مضامين محكمة دقيقة ، ونستطيع أن نستيقن تاما بأن اليونانيين لم يعجبوا
به بمثل هذه الطريقة ، وأنهم قد طرقوه من وجهة نظر مختلفة ، أما كيف نظروا إليه ، فلعلنا نستطيع أن نكشف
ذلك إذا قرأنا ما كتبه عنه أناس مثل افلاطون ، وإن كان هذا لن يتحقق بسهولة ويسر ، لأن أول ما يفعله أى قارئ
حديث عند قراءته ما أراد أفلاطون قوله عن الشعر ، هو أن يفترض أن أفلاطون كان يصف تجربة إستاطيقية
مماثلة لتجربتنا ، وثانى شئ يفعله هو أن يغضب لأن افلاطون قد وصفها وصفا رديئا ، ولا يمر أكثر القراء بمرحلة ثالثة .
وكلمة ars فى لاتينى العصر الوسيط مثل كلمة art فى الإنجليزية الحديثة المبكرة - التى نقلت عن اللاتينية
الكلمة ومعناها - كانت تعنى أية صورة خاصة من المعرفة النظرية كالنحو والمنطق والسحر أو التنجيم . ولقد
بقى هذا المعنى على عهد شكسبير أيضا "فبروسبيرو" يقول بعد أن خلع رداءه السحرى : أبق هنا يا فنى . غير أنه فى
عصر النهضة ، فى إيطاليا فى البداية ، ثم بعد ذلك فى سائر الإنحاء ، عاد استخدام المعنى القديم ، ولهذا اعتبر
فنانو عصر النهضة - مثل فنانى العصر القديم - أنفسهم صناعا ، ولم يبدأ فصل مشكلات الاستاطيقا " علم الجمال" ، وتصوراتها
عن المشكلات التكنية أو الخاصة بفلسفة الصنعة إلا فى القرن السابع عشر . وفى آواخر القرن الثامن عشر ، ازداد هذا
الانفصال للغاية إلى حد ظهور فارق بين الفنون الرقيقة ، أو التى تحتاج إلى مهارة عالية ، بل قصد بها الفنون الجميلة ،
وفى القرن التاسع عشر اختصرت هاتان الكلمتان ، واستغنى عن صفة جميلة ، واستبدلت بكلمة الجمع ، فنون ، كلمة المفرد فن .
وأصبحت الكلمة ذات معنى عام ، وهكذا أصبح الفصل كاملا بين الفن والصنعة من الناحية النظرية ، ولكن هذا كان
من الناحية النظرية وحدها ، إذ أن هذا الاستعمال الجديد لكلمة " فن " شبيه بالعلم الذى يرفعه أول المقتحمين
فى القتال فى أعلى القمة - للدلالة على النصر - والذى لا يثبت أن أعلى القمة قد اختل بالفعل .
"انتهى الاقتباس من الكتاب "
وبقيت كلمة
هى أنه فى القرن الحادى والعشرين ، عاد مفهوم الصنعة ليطل برأسه مرة اخرى مصاحبا معه التأثير
وذلك من خلال نظرية الصنعة التأثيرية
كلمة " فن " فى المعجم الوجيز لعام 1994، الصفحة 482
الفنّ : مهارة يحكمها
الذوق والموهبة .
وكذلك
التطبيق العملى للنظريات العلمية بالوسائل التى تحققها ، ويكتسب بالدراسة والمرانة .
وكذلك
جملة القواعد الخاصة بحرفة أو صنعة .
وكذلك
جملة الوسائل التى يستعملها الإنسان لإثارة المشاعر والعواطف وبخاصة عاطفة الجمال كالتصوير والشعر والموسيقى . "ج" فنون .









0 Comments:

Post a Comment

<< Home