مصر - قناع توت عنخ آمون - فن فرعونى
للكاتبة كتابان حول نفس الموضوع ، إلاّ أن كتاب مكتبةالأسرة أكثر تفصيلا ، وأكثر سهولة فى محاولة الاقتناء
إلاّ أننا سنعرض اليوم تلخيص كتاب " فلسفة الجمال " التابع للمكتبة الثقافية ديسمبر 1962 . وسنعمل فى هذه التحديثة
على ثلاثة محاور بإذن الله تعالى
المحور الأول : مجالات نظْم النظريات فيما يخص الفن .
المحور الثانى : عرْض تلخيص لكتاب علم لجمال .
المحور الثالث : قضية الانتقال من الصنعة الوظيفية للصنعة التأثيرية والعكس .
المحور الأول
مجالات نظْم النظريات فيما يخص الفن
المجال الأول
توصيف الفعل الفنى لدى الإنسان
نظريات ( الصنعة - المنبّه ورد الفعل - الصنعة التأثيرية والوظيفية )
المجال الثانى
فى الجمال ، ورغم أن مجالى الفن والجمال منفصلان عن بعضهما ، لكن لمن شاء الربط بينهما ، فتوجد إمكانية
نظْم نظرية عن الجمال " وهو ما سنعرض له اليوم " .
المجال الثالث
كيفية تنفيذ المضمون الفنى ، والتى تعبّر عن رؤية الفنان فى كيفية نقل أحاسيسه وإبداعه ، وحيث توجد مذاهب
( الرومانتيكية - الانطباعية - السيريالية وغيرها ) ، وهذه سنعرض بشئ من التفصيل لها بإذن الله تعالى من كتاب
الفن والإنسان .
المجال الرابع
الهدف من العمل الفنى : الفن للفن ، الفن للمجتمع ، الجمع بين هذين المفهومين .
مع ملاحظة أن
مفهوم " الالتزام " ليس عرْضه للقبول أو الرفض - من وجهة نظر نظرية الصنعة التأثيرية - ، حيث إن الالتزام
يكون متضمّنا فى الوسيلة وليس الهدف .
ولا مانع على الإطلاق من وجود مجالات أخرى أكون قد غفلت عنها .
مصر - الكنيسة المعلّقة - فن مسيحى
المحور الثانى
تلخيص كتاب " علم الجمال " ، المكتبة الثقافية
ديسمبر 1962 ، د . أميرة حلمى مطر
مقدمة
فلسفة الجمال : هى هذا الفرع من فروع الفلسفة الذى يعنى بدارسة : أولا : تصورات الإنسان عن الجمال . ثانيا : إحساس
الإنسان بالجمال ، ثالثا : أحكام الإنسان على الجمال .
علاقة الجمال بالفن
الجمال قيمة وهدف يسعى الفنان إلى أن يُضمّنه فى فنّه ، ويحقّقه فى إنتاجه الفنى .
علاقة الفلسفة بالجمال
حيث يسعى الفيلسوف لمشاركة الفنان بفكره الفيلسوفى يحاول به تحليل العمل الفنى وتقييمه لمعرفة : أولا : الأهداف التى
ينطوى عليها العمل الفنى . ثانيا : استخلاص شروط ومعايير الحكم بالجمال أو عكسه على العمل الفنى بناء على استخلاص
هذه الشروط باستقراء الأعمال الفنية على مرّ العصور- ( غير أن لى - صاحبة المدونة - تحفظ متواضع على هذا
الأمر ، فاستخلاص معايير الجمال من الأعمال الفنية يجب أن يكون أحد المصادر وليس كلها ، وتبقى الحياة بكاملها
يضيف الفنان للفيلسوف ويضيف الفيلسوف للفنان وهكذا ).- ولذا نشأت فلسفة الجمال . ومن ثم تتصل فلسفة
الجمال بتاريخ الفن محاولة بذلك البحث فى الأعمال الفنية المختلفة فى تقدير شروط تحقق الجمال فى هذا العمل
الفنى أو ذاك . حيث إن : الفن هو مقياس وعىّ الإنسان بالجمال والمنظار الذى به تستقيم رؤيته الجمالية ، لذلك
اتجهت فلسفة الجمال فى العصر الحديث إلى البحث عن " الإحساس بالجمال " وعُرفت " فلسفة الجمال " باسم
الاستطيقا " علم الجمال " ، الذى استقلّ عن الفلسفة ، كما استقلّ عم الأخلاق والمنطق عن الفلسفة كذلك ، التى - الفلسفة - ما زال
محور أبحاثها ثالوث القيم الخالدة ( الحق ، الخير ، الجمال ).
مصر - جامع أحمد بن طولون - فن إسلامى
الجمال ، كعلم ، وكفلسفة
على أن الفرق بن الجمال "كعلم " و " كفلسفة " ، هو أن الجمال كعلم أو " علم الجمال " ينزع للنواحى التجريبية
بمعنى إجراء التجارب ، مثال : عرْض صورة على مجموعة من البشر ومعرفة رأيهم الجمالى ، وبالتالى وضع
شروط للجمال بناء على مثل هذه التجارب . فى حين إن الجمال كمبحث فى الفلسفة " فلسفة الجمال " تبحث عن
شروط ومعايير الإحساس والحكم الجمالى لدى الإنسان باستخدام العقل والتأمل دون محاولة التجربة . والاتجاه الأول
التجريبى ، هو من سمات التجريبيين المحدثين ، فإن الاتجاه الثانى _ العقلى العاطفى - من سمات الفلاسفة .
ولاشك أن اعتماد الفلاسفة على عقولهم فقط دون التجريب فى استخلاص معايير الإحساس والحكم الجمالى لدى الإنسان
يعكس وجهة نظر كل فيلسوف فى الحياة والبيئة التى عاش وتربى بها ، والعوامل الشخصية والإنسانية المحيطة به .
ولذا ، تتعدّد وجهات وآراء الفلاسفة حول الجمال باعتبار تعريفه هو تجربة شخصية لكل فيلسوف .
هدف أى بحث فلسفى بوجه عام
هو " الوعىّ بالقيم " التى نلتزم بها فى تفكيرنا وسلوكنا وإحساسنا وإعادة النظر فى هذه القيم على ضوء
الواقع
والحياة وتطورهما ،فمن المستحيل أن يغيّر الإنسان فى الطبيعة ، ولا يغيّر من جوهر نفسه .
استدراك هام : الصور مأخوذة من مجلة العربى الكويتية الأعداد ( ديسمبر 2005 - يونيو 1990 - نوفمبر 2006 - إبريل 2006 - يوليو 2005 - سبتمبر 1994 ) على التوالى ، ما عدا صور الصين ، السعودية ، تركيا ، فهى من مصادر أخرى .
العراق - تمثال أبى نواس
ما هو الجمال
موقف الفلاسفة من الوجود والإنسان يترتب عليه بالتالى اختلاف تعريفاتهم للجمال والحق والخير ، وإحساس
الفلاسفة بالجمال يحاولون فيه تجاوز حد الموجودات فى هذا العالم الواقعى المحسوس إلى تحديد الخصائص
العامة أو علّة تمييز الجمال التى لا تتغيّر بتغيّر الزمان أو المكان ، والتى بدونها لا يكون الشئ جميلا
استراحة فنية
شعر " الجراد فى سماء لبنان " حرب قانا 2006
للشاعر أشرف أبو اليزيد ، العربى سبتمبر 2006
لا يزال ينهش الجسدَ الجرادُ الذى
القت به ، فى الشرايين
سُفن النفايات
يغيّب الربيع ف الفصول
ويُسدل الدخان فى العيون
يمكن استكمال الشعر على العنوان التالى
www.el-taleaa.blogspot.com
مناهج الفلاسفة للوصول إلى المعرفة
( العقل – العاطفة – التجريب )
أولا : العقلمن الفلاسفة من اعتمد على العقل لكى يكتشف الجمال مثل أفلاطون وأرسطو .
ثانيا : العاطفةومن الفلاسفة من اعتمد على الإحساس مثل : الصوفية .
غير أن كلا الفريقين على السواء قد افترض أن للجمال حقيقة ووجود مستقلّ عن الذات الإنسانية العارفة ، وقد اعتمدت
فلسفة العصور القديمة و الوسطى على هذين المنهجين (العقل – العاطفة ).
ثالثا : التجريب
حاولت الفلسفة الحديثة أن تعيد النظر إلى مشكلاتها : الحق ، الخير ، الجمال ، بواسطة المناهج العلمية والتجريبية
وعدّت ذلك هو الوسيلة المثلى للبحث فى كل الأمور الإنسانية ، بل ولم تعترف بجدوى أى تفكير فى المشكلات الإنسانية
لا يعتمد على هذا الأسلوب العلمى ، ونادت بضرورة قيام علوم إنسانية تبحث فى كل القضايا الإنسانية على غرار العلوم
التى تبحث فى الظواهر الطبيعية . وكانت الخطوة الأولى فى سبيل تحقيق هذه الغاية هى العزوف عن البحث العقلى
أو الجدل فى معنى الجمال ، وأن يتم الرجوع إلى الذات الإنسانية وحدها للبحث التجريبى فى شروط إحساسها
بالجمال .
وقد بدا لأصحاب هذه المناهج التجريبية أن الحديث عن وجود جمال مطلق مستقلّ عن وجود الإنسان ، إنما هو
جدل ميتافيزيقى لا إثبات على وجوده أو على عدمه . وعلى ذلك ، فقد ذهب المحدثون من الفلاسفة التجريبيين
إلى أن الجمال ليس سوى صفة يضيفها الإنسان على الموجودات التى يحكم عليها بالجمال ، وهم بهذا الشأن قد أرجعوا
قيم الحق والخير والجمال إلى الإنسان وحده ، فهى إذا قيم نسبية لا وجود لها إلاّ فى إدراك
الإنسان
وهى ذاتية بمعنى إنها حالات وانفعالات لا وجود لها خارج الذات المدركة ، الأمر الذى من احدى صور خطورته عدم إمكانية وضع قوانين عالمية .
الجزائر - الرايس حميدو
إكمال التعليق على تمثال الرايس حميدو من المجلة :" تركيا ، وجاء الأسطول العثمانى إلى الجزائر منقذا ، ولم يرد
الأساطيل المسيحية فقط ، ولكنه حاصر الشواطئ الإيطالية والبرتغالية ، وفى عام 1529 ، كان خير الدين بارابوسا ، أو ذو اللحية
الحمراء ، أميرا للبحار فى الجزائر يفرض سيطرته على مدخل البحر الأبيض . وكان صعود الرايس حميدو
وتسيّده على إمارة البحرية الجزائرية يتوافق مع قيام الثورة الفرنسية ومجئ نابليون للحكم ، وقد استطاع أن يستولى
على واحدة من أكبر سفن الأسطول البرتغالى ، وأطلق عليها " البرتغالية " ، ثم أضاف إليها سفينة أمريكية هى " الميريكانا" إضافة
إلى سفينته الخاصة ، كان أسطوله الخاص يتكوّن من هذه السفن الثلاث ومن أربعة وأربعين مدفعا فرضت سيادتها
على البحر لأكثر من ربع قرن . وكان وسيما وشجاعا ومحظوظا أيضا ن فقد تصادف صعود نجمه مع الفوضى
التى سادت فى أعقاب الثورة الفرنسية ، ولكنه وقع فى خطأ مميت مع أمريكا ، فقد كانت الولايات المتحدة قد وقعت
على معاهدة مع الجزائر تدفع بموجبها إتاوة مقابل سلامة سفنها ، وعندما جاء الرئيس جيفرسون إلى الحكم رفض
الدفع ، وأصبحت السفن الأمريكية بمنزلة غنيمة ثمينة لبحّارة الرايس حميدو ، وأرسل الرئيس الأمريكى بعض سفنه
لتأديب الرايس الكبير ، وقد نشبت معركة كبرى ، وبالرغم من تفوق السفن الجزائرية ، فإن الحظ تخلّى عن الرايس حميدو
فأصابته قذيفة مدفع قوية ، قسمته إلى نصفين ، وبموته ، انتهت اسطورة بحرية كبرى ، وسواء كان بطلا أو قرصانا
فقد دافى عن شواطئ بلاده حتى الموت .
"انتهت تكملة قصة الرايس حميدو من مجلة العربى ونعود لاستكمال حديثنا السابق "
الفرق بين الفلاسفة القدماء
والمحدثين فيما يخص الجمال
أولا : المنهج المستخدم
القدماء : العقل ، العاطفة .
المحدثون : المنهج التجريبى .
ثانيا : وجود الجمال
القدماء : وجود مستقلّ خارجى موضوعى .
المحدثون : لا وجود مستقلّ للجمال ، وإنما وجوده يترتب على إدارك الإنسان له ، فالإنسان هو معيار وجود الجمال من عدمه .
زامبيا - نحت
نقد الاتجاهين السابقين بالنسبة لوجود الجمال
نقد كثير
من المفكرين الاتجاهين السابقين ، الأول الذى يعطى الجمال استقلالا موضوعيا عن الإنسان ، معتبرين أن هذا الاستقلال للجمال
عند القدماء يحوّله – الجمال – إلى فكرة باهتة ومجرّدة . كما نقدوا الاتجاه الثانى الذى يلغى تماما الوجود المستقلّ
للجمال ويجعل الإنسان هو شرط وجود الجمال على اعتبار أن هذا الاتجاه يحوّل الجمال إلى انفعال ذاتى لا أساس له
فى الوجود الخارجى وهذا لا يمكن تقبّله . لذلك ، يتفق أغلب
المفكرين
اليوم على ضرورة افتراض أبعاد أخرى تدخل فى تحديد الجمال إلى جانب تلك العلاقة الثنائية ( الذات المدركة " الإنسان " – الموضوع الذى نحكم عليه بالجمال ).
والطرف الثالث هو : تلك المعايير التى يفرضها المجتمع على الإنسان كى تستقيم أحكامه الجمالية ، فمعايير الحكم
الجمالى هى ثمرة من ثمرات المجتمع ، إذ من خلال المجتمع يرى الفرد الجمال ويستوعبه ، لذلك، فقد دخل
البحث فى الجمال ضمن ذلك الجزء من أجزاء الفلسفة الذى يسمّى باسم " فلسفة القيم " ، وبالتالى أصبح لا يقف
عند حد البحث الميتافيزيقى " ما وراء الطبيعة " ، فيما يخص حقيقة وجود الجمال ولا عند البحث السيكولوجى
فى الإحساس الإنسانى به ، وإنما اتسع لعنصر ثالث هو : تلك القيم والمعايير التى يلتزم بها الإنسان فى أحكامه الجمالية .
وفى حدود هذه المناهج " عقلية ، عاطفية ، تجريبية " ، حاولت الفلسفة أن تحل لغز الجمال ، وكان من نتائج
إدخال فكرة " القيمة " عند البحث فى الجمال ، أن اتسعت فلسفة الجمال للبحث فى القيم الأخرى المرتبطة بالجمال
كالبحث فى الروعة ، الرشاقة ، اللطف ، بل اصبح من المألوف أن يسأل الفيلسوف
اليوم
عن " القٌبح " ، وهل تعنى فلسفة الجمال ب" القبح " قدر عنايتها بدراسة الجمال .
ولم لا يدخل
القبح كقيمة فى فلسفة الجمال بل ولم لا يكون القبح نوعا من أنواع الجمال ، ولكن كيف يمكن اعتبار " القبح " قيمة
جمالية ، ولم يسعى فنان ما إلى محاولة تحقيق القبح فى إنتاجه الفنى . التفسير هو : إن تحقيق القبح فى عمل فنى
بإرادة الفنان لا يمكن إلاّ أن يكون تحقيقا لشروط فنية معيّنة يتطلبها العمل الفنى وبهذا يتحوّل القبح إلى قيمة إيجابية شأنه شان الجمال
السعودية - كسوة الكعبة الشريفة
القبح ما بين القيمة الإيجابية والسلبية
على أنه لى – صاحبة المدونة – مداخلة فى هذا الصدد لفتح المزيد من باب المناقشة حول " القبح " كقيمة جمالية فى العمل الفنى
مثال لتصوير " القبح " فى القرآن الكريم
) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14) مَثَلُ الجَنَّةِ الَتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ
مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ
فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ" سورة محمد
" نعود لاستكمال الحديث من الكتاب "
فهمنا كما سبق كيف يكون القبح فى العمل الفنى قيمة إيجابية ، ولكن إذا كان القبح يعنى قصور العمل الفنى عن تحقيق
شروط فنيّة معيّنة أو على أنه فقدان معيار جمالى
معيّن
فلا يجوز هنا اعتبار القبح قيمة يسعى الفن إليها أو موضوعا فى فلسفة الجمال ، لأنه انتقاص للقيم الفنية ، ونقص
فى العمل الفنى ، ولقد بدأت الثورة على تقاليد الجمال وتصوراته الكلاسيكية تسرى منذ القرن التاسع عشر وتفشّت
عبادة " القبح " منذ ذلك التاريخ ، وغلبت قيمة " القبح " على الأدب والتصوير والنحت ، حتى أصبح وصف
" النقص" الجسمانى والروحانى وتصوير جوانب التشويه ، هى سمات الفن الحديث .
ومن ثم
فقد فتح " القبح " للفنان الحديث آفاقا واسعة والهمه التعبير عن قيم استطيقية جديدة ، وامتلأت معارض الفن
اليوم بصور هى أقرب ما تكون إلى رسم
البدائيين والأطفال
ولم يعد الجمال يتمثّل اليوم فيما كان يُعرف به عند قدماء اليونانيين من تناسب وائتلاف أو اكتمال واتزان . كما تمثّل
" القبح " كذلك فى الأدب بجانب الفن التشكيلى ، حيث تمّ تصوير كل أنواع الانحراف فى الأدب ، بل وتخلّى
الإنسان فى الأدب الحديث عن مكانته الأولى بين كائنات هذا الكون وافتقد سمات البطولة وسُلبت شخصيته الفعّالة
وأضحى الأفراد اشبه بالعرائس الخشبية تحركهم القوى الجبّارة التى لا قبل لهم على مجابهتها .
وأتى
عصر " الذرّة " يفتّت معه كل وجود ، ويشتّت كل وحدة ، ولم يعد الفيلسوف اليوم يسعى إلى تحديد تعريف ثابت للجمال ، بعدما ظهر
له استحالة
مثل هذا التعريف بعدما اكتسبت قيم " النقص " و " القبح " و " التشوه" صفة الجمال ، بل أصبحت هذه القيم
وجها آخر من وجوه الجمال ن ومجالا للتذوق الفنى وتعبيرا عن ذات الإنسان ، ومرآه لباطنه الذى يموج بالأسرار
الصين - إناء من الخزف
المذاهب الكبرى فى فلسفة الجمال
أولا : العصر اليونانى : أفلاطون – أرسطو – أفلوطين .
ثانيا : العصر الحديث : كانط - هيجل – فخنر.
ثالثا: العصر المعاصر : كروتشه – بابيه – سارتر – العقاد .
أولا :
العصر اليونانى
أفلاطون – الجمال فى تحقيق المُثل " الحق ، الخير ، الجمال "
الجمال عند أفلاطون هو " الحب " و " الحقيقة " و " المحاكاة " . والجمال لدى أفلاطون لا يوجد فى الأشياء
المحسوسة المحيطة ، بل يقبع فى عالم مثالى وأن أى خبرة جمالية فى الأشياء
المحسوسة
ما هى إلاّ معرفة تقريبية تقرّبنا من الحقيقة ، فعلى الفيلسوف أن تقوم فلسفته على أسس " المثل ": الحق ، الخير ، الجمال ، بالإضافة إلى الحب والمحاكاة .
ولكن
هل يستطيع الفيلسوف الوصول للمعنى الحقيقى لهذه المُثل التى ترتفع عن مستوى المحسوسات او الموجودات
المحيطة ، فإن سبيله للمعرفة المثالية لهذه
المُثل
هى الحب ، وحينما يصل الفيلسوف أو الفنان الحقيقى لهذه المُثل ، فإن الأعمال الفنية والخلْق الفنى لابدّ وان يكون " محاكيا " للحالة التى
يعيش فيها الفنان . فالجمال شئ مثالى وليس مادى عند أفلاطون وأى شعور لدى الإنسان بالجمال فى شئ محسوس
محيط به ، ليس هو الجمال
ولكن
معرفة قريبة ، وعلى الفيلسوف ألاّ يقف عند حدّ هذه المعرفة التقريبية للجمال ،وأن يرتقى ويتدرّج فى سلم المعرفة
مستخدما الحب للوصول لحقيقة الجمال المثالية .
وعلى الفنان
أن يتمثّل هذه المُثل فى حقيقتها حتى إذا ما وصل الفنان لنوع من حقيقة هذه المُثل ، فعليه أن يشرع فى محاكاتها
فى أعماله الفنية على أن هذه المحاكاة يجب أن تستند على معرفة بحقيقة الموجودات ، لكن ليست المعرفة الحسية لها
وإنما المعرفة المثالية . ومن ثم ، فإن الإنتاج الفنى أو الخلْق الفنى لابدّ وأن ينتج عنه أشياء جميلة ، لأن قيم الحق
والخيروالجمال لدى أفلاطون لا يمكن أن ترتبط بالقبح . ويرى أفلاطون أن فنانى عصره
الذين
اتجهوا إلى تصوير الواقع المحسوس وجعلوا هدفهم من الفن بعث اللذة الحسية عند جمهور المتذوقين ، هم فنانون
مضلّلون ، يحاكون الصور والأشباح ولا يتحرّون الحقائق .
مثال : قضية مثل قضية أطفال الشوارع
ملابسهم رثة وممزقة يتعرضون للاعتداء والاغتصاب والجوع وغيره ، فكل هذه عناصر واقعية ، لكنها تحمل القبح .
والسؤال
هل ننقل القبح للعمل الفنى
على أية حال أنا أعبّر فى هذا الصدد عن وجهة نظر شخصية ، فأمامنا واقع لا يمكن أن نتجاهله ، ولكن التمادى
فى تصوير الواقع بكل تفاصيله المؤلمة والقبيحة هو أمر يجب أن نتحفظ عليه
إذا فهى
طريقة المعالجة ، وربما يكون تصوير أطفال الشوارع بحالتهم البائسة فى الفن ، ربما ترفضه فكرة أفلاطون
عن الجمال وإبعاد القبح عنه ، لكن من يعتبر أن القبح هو قيمة جمالية ، فلا مانع من أن يتمادى فى تصوير الواقع
بكل تفاصيله بلا خجل أو روية . واعتقد ان الحل الوسط هو دائما مخرج من وجهتى النظر اللتى على طرفى
النقيض ، فلا نتجاهل الواقع المؤلم ، ولا نتمادى فى تفاصيله المخجلة .
تركيا - سجادة صلاة
ثانيا : أرسطو
تأثر أرسطو
بأستاذه أفلاطون فى فكرته عن " المحاكاة " فى العمل الفنى وأن الفنان لا ينبغى له أن يتقيّد بالنقل الحرفى من الواقع ،
لكن على الفنان – تبعا لأرسطو – أن يحاكى الأشياء على النحو الذى يجب أن تكون عليه ، فعلى الفنان أن يتحرّى
النماذج الكاملة والتصورات المثالية التى لا تقع تحت بصره فى الواقع ، وإنما يكون وجودها فى عالم المعقولات .
رأى أرسطو فى الشعر
حيث يرى أن الشعر أقرب إلى الفلسفة لأنه يصورّ الحقائق الكلية ،ولذلك فالشعر أعلى مرتبة من علم التاريخ الذى يكتفى بذكر الوقائع الجزئية
والأحداث الملموسة .
ثالثا : أفلوطين
لم يختلف رأى أفلوطين عن سابقيه – أفلاطون وأرسطو – على الرغم من قرون سبعة تفصل بين افلاطون
وافلوطين الذى عاش بالإسكندرية فى القرن الثالث الميلادى حتى يمكن تسمية هذه المرحلة " افلاطون – أرسطو – أفلوطين "
بالمرحلة الأفلاطونية فى النظر إلى الجمال والفن .
زنجبار - نصب تذكارى لضحايا تجارة الرقيق
كانط – هيجل – فخنر
أولا
كانط " 1724 – 1804 " – الكيف والجمال
نقل " كانط " الفلاسفة
من البحث فى الوجود الخارجى إلى البحث عن " الذات العارفة " " الإنسان " ، وتحليل قدراتها على المعرفة ، ومن ثم
رجع " كانط " إلى العقل الإنسانى ، واكتشف فيه :
أولا : تركيبا ما ، غايته المعرفة النظرية .
ثانيا : تركيبا آخر ، غايته توجيه السلوك الأخلاقى .
ثالثا : تركيبا ثالثا، وظيفته الشعور بالجمال والحكم عليه .
الكيف والجمال عند " كانط "
الكيف : تتلخّص فى تعريف الجميل بأنه " الشئ الذى يسر الإنسان ، ويُرضى ذوقه من غير أن يكون وراء هذا السرور فائدة معينّة
أو غرض ما .
ثانيا : هيجل
تجربة الجمال
عند هيجل هى تجربة عقلية معرفية ، ولكنها لا تصل إلى إدراك الحقيقة الكاملة ، وانتهى إلى القول بموت الفن ،
الأمر الذى دفع الفيلسوف الإيطالى كروتشه إلى القول بأن علم الجمال عند هيجل لم يكن إلاّ مديحا مشئوما للفن .
ثالثا
فخنر " 1807 – 1887 " – الجمال والتجريب
قام فخنر
بإجراء تجارب لقياس تقدير الجمال ، ومن أهم هذه التجارب ، تجربة مستطيلات الكرتون الأبيض التى وضعها
بغير نظام على منضدة سوداء ، ثم طلب من عدد من الأشخاص أن يذكروا أى المستطيلات أشد قبولا ، وايها أشد
نفورا بصرف النظر عن الفائدة الممكنة منها ، وبعد تحليله للنتائج انتهى
إلى تحديد الشكل
الذهبى ، وهو الشكل ذو النسب التى لقيت أكبر قدر من القبول عند الجميع . وتطورت فلسفة الجمال بعد ذلك ،
ففى ألمانيا سادت النزعة النفسية فى دراسة علم الجمال ، فظهر علم النفس الجمالى
الإمارات - من متحف الشارقة
كروتشه – جان بول سارتر – عباس محمود العقاد
أولا
كروتشه " 1866 – 1952 " – الجمال – الحدس
يرتبط الجمال
عند كروتشه بالحدس ، حيث يعنى الحدْس عند كروتشه إدراك لشئ ما ، والقدرة على التعبير عنه ، فالفنان – تبعا لكروتشه – صاحب
حدْس ، وقادر على التعبير عن حدْسه ، فإذا فعل ذلك ، كان الشئ جميلا .
ثانيا
الفيلسوف الوجودى جان بول سارتر – الجمال والمسئولية
اساس فلسفة الجمال عند سارتر
يعتمد فى
رأيه على الالتزام ، وفؤادها : " إن الفرد وبخاصة الفنان أو الكاتب مسئول عن توجيه الأحداث الاجتماعية والسياسية
التى تدور حوله وتجرى فى عصره ". يقول سارتر : " إننا لا نكتشف أنفسنا بالعزلة والاعتكاف ، وإنما يتم لنا
ذلك فى الطريق وفى زحام المدن ، وبين الجماهير ".
ولسارتر مواقفه المشرّفة التى وقفها من الأحداث السياسية التى توالت على بلاده أثناء الحرب العظمى وما بعدها
وخاصة تأسيسه لمجلة " الأزمان الحديثة " عام 1964 ، ولقد قاد سارتر حملة المعارضة
لسياسة
بلاده الوحشية فى الجزائر ، كما التزم هو نفسه بما دعا إليه من ضرورة مشاركة الكاتب والأديب فى توجيه
مجرى الأمور الدائرة فى عصره . وواضح من هذا الاتجاه الأخلاقى الاجتماعى فى فن الأدب عند سارتر
أنه قد ساد الأدب والمسرح الفرنسى ، وأن خصائص الجمال الفنى لم تعد تنفصل عن المضون الفكرى الذى يعبّر عه العمل الفنى .
ثالثا : عباس محمود العقاد – الجمال والحرية
ولعلنا سوف نستفيض فى ذلك بإذن الله تعالى عن طريق عرْض مقال " فلسفة الفن عند العقاد "
قريبا على مدونة قبطية مسلمة – الفكر المعاصر .
تلخيص ما سبق
العصر اليونانى
افلاطون – أرسطو – أفلوطين – الجمال والعقل والمُثل ( الحق ، الخير ، الجمال ).
كانط
الجمال والإحساس الكيف ".
هيجل ، شوبنهور
تأثروا بالمرحلة الأفلاطونية .
فخنر
الجمال والتجريب .
كروتشه
الجمال والحدْس .
جان بول سارتر
الجمال والمسئولية .
عباس محمود العقاد
الجمال والحرية .

فنزويلا - تمثال المحرّر
المحور الثالث
قضية الانتقال من الصنعة التأثيرية
للصنعة الوظيفية والعكس
المثال الأول
قلعة صلاح الدين الأيوبى
والانتقال من الصنعة الوظيفية
للصنعة التأثيرية
فحينما تمّ بناء القلعة ، كانت تضم الجنود والعساكر والضباط ، فقد تم بناؤها بغرض الاستخدام ، ومع مرور الوقت
أصبحت أثرا إسلاميا
فتحوّلت بهذا الشكل من كونها تقع تحت مفهوم الصنعة الوظيفية ، إلى أن تقع تحت مفهوم الصنعة التأثيرية .
المثال الثانى
عمر بن الخطاب وتمثال العجوة
والانتقال من الصنعة التأثيرية للصنعة الوظيفية
ففى احدى المرات
كان عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – جالسا بين أقرانه
من المسلمين
فإذا به ينخرط فى بكاء حار ، ثم بعد ذلك يضحك عاليا ، فتعجّب المسلمون من حوله وسألوه فيما بكاؤك وفيما ضحك
يا ابن الخطاب . فأجابهم بأنه بكى حينما تذكر فى أيام جاهليته أنه قام بوأد طفلة رضيعة له رغم أنها مدّت يدها
لتزيل التراب من على لحيته ، ثم أكمل حديثه بأنه ضحك حينما تذكر فى أيام جاهليته كذلك أنه صنع تمثالا من العجوة
ليتعبّد له " صنعة تأثيرية " ، وحينما شعر بالجوع ، أكل التمثال " تحوّل هنا من الصنعة التأثيرية للصنعة الوظيفية
وهى إرضاء حاجة الجوع لدى الإنسان ".
وإلى تحديثة قادمة بإذن الله تعالى